سورة الطور - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطور)


        


{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)}.
{وَالطُّورِ} أراد به الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام بالأرض المقدسة، أقسم الله تعالى به.
{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} مكتوب.
{فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ}والرق: ما يكتب فيه، وهو أديم الصحف، والمنشور: المبسوط، واختلفوا في هذا الكتاب، قال الكلبي: هو ما كتب الله بيده لموسى من التوراة وموسى يسمع صرير القلم.
وقيل: هو اللوح المحفوظ. وقيل: دواوين الحفظة تخرج إليهم يوم القيامة منشورة، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. دليله قوله عز وجل: {ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا} [الإسراء- 13].
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} بكثرة الغاشية والأهل، وهو بيت في السماء حذاء العرش بحيال الكعبة يقال له: الضُّرَاح، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة يطوفون به ويصلون فيه ثم لا يعودون إليه أبدًا.
{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} يعني: السماء، نظيره قوله عز وجل: {وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا} [الأنبياء- 32].


{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} قال محمد بن كعب القرظي والضحاك: يعني الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور، وهو قول ابن عباس، وذلك ما روي أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارا فيزاد بها في نار جهنم، كما قال الله تعالى: {وإذا البحار سجرت} [التكوير- 6] وجاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يركبن رجل بحرًا إلا غازيًا أو معتمرًا أو حاجًا، فإن تحت البحر نارًا وتحت النار بحرًا».
وقال مجاهد والكلبي: المسجور: المملوء، يقال: سجرت الإناء إذا ملأته.
وقال الحسن، وقتادة، وأبو العالية: هو اليابس الذي قد ذهب ماؤه ونضب.
وقال الربيع بن أنس: المختلط العذب بالمالح.
وروى الضحاك عن النزال بن سبرة عن عليّ أنه قال في البحر المسجور: هو بحر تحت العرش، غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين، فيه ماء غليظ يقال له: بحر الحيوان. يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحًا فينبتون في قبورهم. هذا قول مقاتل: أقسم الله بهذه الأشياء. {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} نازل كائن.
{مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} مانع قال جبير بن مطعم: قدمت المدينة لأكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلي بأصحابه المغرب، وصوته يخرج من المسجد فسمعته يقرأ {والطور} إلى قوله: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع}، فكأنما صدع قلبي حين سمعته، ولم يكن أسلم يومئذ، قال: فأسلمت خوفًا من نزول العذاب، وما كنت أظن أني أقوم من مكاني حتى يقع بي العذاب.


ثم بَيَّنَ أنه متى يقع فقال: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} أي: تدور كدوران الرحى وتتكفأ بأهلها تكفؤَ السفينة. قال قتادة: تتحرك. قال عطاء الخراساني: تختلف أجزاؤها بعضها في بعض. وقيل: تضطرب، والمور يجمع هذه المعاني، فهو في اللغة: الذهاب والمجيء والتردد والدوران والاضطراب.
{وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} فتزول عن أماكنها وتصير هباءً منثورًا.
{فَوَيْل} فشدة عذاب، {يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} يخوضون في الباطل يلعبون غافلين لاهين.
{يَوْمَ يُدَعُّونَ} يدفعون، {إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} دفعًا بعنف وجفوة، وذلك أن خزنة جهنم يغلون أيديهم إلى أعناقهم، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون بهم إلى النار دفعًا على وجوههم، وزجًّا في أقفيتهم حتى يَرِدُوا النار، فإذا دنوا منها قال لهم خزنتها: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} في الدنيا. {أَفَسِحْرٌ هَذَا} وذلك أنهم كانوا ينسبون محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى السحر، وإلى أنه يغطي على الأبصار بالسحر، فَوُبِّخوا به، وقيل لهم: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}.
{اصْلَوْهَا} قاسوا شدتها، {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ} الصبر والجزع، {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ} معجبين بذلك ناعمين {بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} ويقال لهم:

1 | 2 | 3 | 4